الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نقل الإجماع على تواتر القراءات السبع كثير من المحققين من القراء والفقهاء والأصوليين، منهم النووي في المجموع والتبيان، ومنهم السبكي في جمع الجوامع وتابعه شراح الجمع، ومنهم الفتوحي الحنبلي في شرح الكوكب المنير، والذهبي في السير والميزان، فضلا عن علماء القراءات الذين هم أهل الاختصاص كالجزري في كتابه المرشد.
وإذا ثبت تواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا عبرة بإنكار أي أحد لها، لأن الإنكار حينئذ إنكار على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم نعثر على ما يفيد أن الإمام أحمد أنكر قراءة حمزة؛ وإنما روي أنه كره القراءة بها نظراً لكثرة الإدغام والتكلف في طول المد الذي تضيع به عشر حسنات عند سقوط الحرف المدغم، وروي عنه أيضاً عدم كراهة القراءة بها كما في المغني والإنصاف، علماً بأن العالم قد تخفى عليه قراءة لكونه لا يعلمها، ولا يفيد ذلك ضعفها ولا بطلانها، فقد أنكر عمر رضي الله عنه -كما في حديث الصحيحين- بعض القراءات لخلافها لما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صحح النبي صلى الله عليه وسلم كلتا القراءتين وبين أنها صواب، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44576، 18034، 46166، 5965.
والله أعلم.