الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نزل القرآن مفرقا، وقد بين الله تعالى ذلك بقوله: وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا {الإسراء: 106} وقال جل جلاله: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا {الفرقان: 32-33}
وأما كيفية جمعه وترتيبه.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتاب كثيرون، وكان كلما نزل عليه منه شيء من القرآن أملاه على كتَّابه فيقول: لهم ضعوا هذه الآية في موضع كذا من سورة كذا، وكان جبريل عليه السلام يراجع القرآن مع النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة، وفي السنة التي توفي فيها راجعه القرآن مرتين، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في صدور الصحابة مكتوب في قطع الأدم والألواح وصفائح الحجارة وغيرها من الوسائل والأدوات التي كانوا يستخدمونها في الكتابة عليها، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تولى الأمر من بعده خليفته أبو بكر رضي الله عنه فجمع القرآن في مكان واحد واحتفظ به عنده لئلا يضيع منه شيء بوفاة حفاظه وتفرق ما كتب عليه أو ضياعه، ثم بعد ذلك كتبه الخليفة عثمان في أوراق وفي مصحف واحد على الكيفية التي بين أيدينا.
تجد الأدلة على ما ذكرنا والمزيد من التفصيل والفائدة في الفتاوى التالية أرقامها: 15858، 177، 32404، 55102، 20024.
وأما ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: "ربك أو ربنا" فإن ذلك حسب مقتضى الحال وأسلوب الخطاب، فالقرآن نزل بلسان عربي مبين، ويخاطب الناس بهذه اللغة وحسب مقتضيات أساليبها، ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 38857 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.