الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخلو حال قائل تلك العبارة من أحد أمرين: فإما أن يقصد أن عاداته وتقاليده أسمى من الدين وأحكم فهي مقدمة على الدين لو عارضها وهذا كفر والعياذ بالله يجب تنبيهه إلى ذلك وأن يتوب إلى الله عز وجل، وإن أصر بعد تنبيهه فهو كافر لما في ذلك من رد حكم الله وتكذيب كتابه فقد قال: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ {الأنعام:57}، وقال في من استهزأ بالدين: قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66}.
ونص العلوي في نوازله على ردة من رد حكم الله أو حكم رسوله، أو قال غيرهما أولى منهما. واستدل بقوله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65}.
وأما إن كان قصده غير ذلك كأن يقصد أن العادة والعرف يقرهما الشرع ونحو ذلك فإنه لا يكفر، وينبغي أن يصحح اللفظ ويقوِّمه لأنه يوهم ما لا يليق.
هذا مع التنبيه إلى أن القول المحتمل لا يحكم بردة صاحبه إلا بعد بيان الحق له وإصراره عليه ويتبين مقصوده، قال ابن مايابي في نظم نوازل العلوي:
والارتداد لا عليه يحمل * لفظ له على سواه محمل
ومدخل ألفا من الملاحده * أقرب من مخرج نفس واحده
والله أعلم.