الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي خطب في الناس عام حجة الوداع أمام الجموع الغفيرة من المسلمين فكان مما قال: ..... أيها الناس.. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، فأعادها مراراً ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت... قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته، فليبلغ الشاهد الغائب. فحرمة مال المسلم في الإسلام كحرمة دمه وعرضه، فلا يحل شيء من مال المسلم إلا بطيب نفسه ولو كان عودا من أراك.
ولهذا فإذا كنتم تعلمون أن الدولة قد اغتصبت هذا البيت من صاحبه بوجه غير شرعي فإنه لا يجوز لكم أخذه من الدولة لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وعون الظالم على ظلمه والتعاون معه على الإثم والعدوان، ولا عبرة بكلام الشاب الذي ادعى أنه وصي ما لم يأت ببينة شرعية معتبرة، فمجرد الدعوى لا يثبت بها حكم ولا ينتفي بها ملك...
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطي الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي في الأربعين.
وقد ذكرت من القرائن ما يدل على خلاف ما ذكره الشاب، ومن ذلك أن مالكه جاء يريده... وأن والدك ذهب إليه عدة مرات يطلب منه السماح فرفض... وأنه قام بالشكوى.. ولنفترض -جدلاً- أن ما قاله الشاب صحيح... هل كان ذلك بطيب نفسه، أم أنه بضغط من الدولة أو الخوف منها أو غير ذلك؟
كل ذلك يدل على أنكم لم تملكوا هذا البيت ملكاً شرعياً... وعليكم أن ترضوا ورثة ذلك الرجل أو تردوا لهم بيتهم... ما دمتم تعلمون أن البيت ملك لأبيهم قطعاً وتشكون في الطريقة التي وصل إليكم بها فإن اليقين لا يزول بالشك، اللهم إلا أن يتنازل الورثة عنه لكم بطيب أنفسهم، ومن حقكم أن تطالبوا الدولة بما دفعتم لها من أموال على أنه ثمن للبيت، ونرجو الاطلاع على الفتاوى: 9660، 10621، 45575.
والله أعلم.