الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهنيئاً لك نعمة الهداية إلى الحق وهي نعمة تستوجب الشكر، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه.
ولا شك أنك في ابتلاء عظيم، ومن شأن المؤمن الصبر على البلاء، روى مسلم عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. فنوصيك بالصبر، فعاقبة الصبر خير الدنيا والآخرة.
واعلم أن هذه الحياة الدنيا دار فانية، وأن الآخرة هي الدار الباقية، ومن شأن المؤمن أن يؤثر الباقية على الفانية، وأن يؤثر الحق على الخلق، ولك أسوة حسنه في الأنبياء والمرسلين والفضلاء الصالحين، والصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فنوصيك بقراءة سيرتهم، لمعرفة ما بذلوه من جهد مع قومهم، وما واجهوا من مصاعب في دعوتهم، وصبرهم على أذاهم، ونصر الله تعالى إياهم وجعله العاقبة لهم، قال الله تعالى: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا {الأنعام:34}، بل ومنهم من ترك الديار والأوطان والأموال وخرج مهاجراً فراراً بدينه، قال الله تعالى: لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {الحشر:8}.
ومن أهم ما نرشدك إليه في هذا الصدد أن تتعلم العلم النافع المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لتسلم من غوائل الشبهات، وأن تحرص على مصاحبة من هم على المنهج الحق الذي أنت عليه ليكونوا عوناً لك في سبيل الحق والسلامة من فتن الشهوات، ونوصيك بالتعاون معهم في القيام بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر على ما قد تجد من أذى في هذا السبيل، وإذا تعينت الهجرة سبيلاً للنجاة من الفتنة وجبت عليك الهجرة إلى بلد تأمن فيه على دينك ونفسك، ولك في رسول الله الأسوة الحسنة، فقد خرج من مكه مهاجراً وهي أحب البلاد إليه، روى أبو يعلى في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال: أما والله لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي، وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت.
وأما الزواج فاعلم أولاً أن رفضك الزواج ممن لا ترغب في الزواج منها ليس فيه عقوق لوالديك، ثم إن لك الحق في أن تتزوج من قبيلة أخرى أو بلد آخر، ولا شك أن موافقة والديك وأهلك وحضورهم هذا الزواج لو تم لكان أمراً حسناً، ولكن لا تترك الزواج لأجل عدم حضورهم أو عدم موافقتهم.
وأما عدم إظهارك الانتماء لهذه القبيلة لئلا تعير من قبل أصدقائك فلا حرج عليك فيه، وإذا سئلت عن شيء من ذلك فيمكنك الانتماء إلى القبيلة الأم والتي هي أصل لقبيلتك أو أن تستخدم شيئاً من التورية، دون أن تقع في الكذب الصريح أو الانتماء إلى قبيلة أخرى.
والله أعلم.