الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمنهج الدين الإسلامى قد رقى بأصحابه ودفعهم إلى مسارات التقدم والازدهار في شتى المجالات أكثر من جميع الشعوب والأمم.
ولقد كان هدف الشريعة الإسلامية ومقصدها واضحا جليا في بناء الفرد الصالح والأسرة والأمة الصالحة، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ . الأنبياء:{ 107}.
فالإسلام جاء رحمة بالناس لتحصيل كل ما يصلحهم، وتقليل كل ما يفسدهم، وكل شرائعه وأحكامه تهدف إلى أن يصل الفرد والجماعة إلى تحقيق السعادة في الحياة وبعد الممات، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً . {النحل:97}.
والمسلمون لو تمسكوا بهذا الدين ورعوه حق رعايته لكانوا في طليعة الأمم، وهذا ما حصل بالفعل. فلقد سادوا الدنيا قرونا، قال الله تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ {الأنبياء:10}، قال ابن عباس: أي فيه شرفكم. وقال سبحانه أيضا عن القرآن: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ {الزخرف:44}، أي أن هذا القرآن شرف لك ولقومك.
ولقد أمر الله رسوله وأمره لرسوله أمر لأمته بالتبع فقال: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {الزخرف:43}، وقال أيضا: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ {هود:112}. ولكن المسلمين لما لم يستمسكوا بالدين، ولم يستقيموا على أمر الله تخلفت عنهم شروط النصر، قال الله تعالى: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ {محمد:7}، وقال الله أيضا: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ . {العنكبوت:69}.
فلتعلم –إذاً- أن الخطأ ليس في منهج الإسلام، وإنما في المسلمين. ومتى عادوا إلى الاستقامة واتباع تعاليم شريعتهم، فسيعود ما كان لهم من العزة.
وانظر في هذا الموضوع كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) لأبي الحسن الندوي، وكتاب (هذا الدين) للأستاذ سيد قطب.
والله أعلم.