الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على ما نسبته لابن القيم من كون القنوت في صلاة الفجر مبطل لها، بل الذي وقفنا عليه أن ابن القيم رحمه الله تعالى سرد في كتابه زاد المعاد كثيراً من الأدلة على أن المداومة على القنوت في الفجر لم تكن من هديه صلى الله عليه وسلم.
ثم ختم سرد هذه الأدلة بقوله: فإذا قلنا: لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة؛ ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأفضله والله المستعان. انتهى
والقنوت في صلاة الفجر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة والتابعين:
ففي المصنف لابن أبي شيبة من الأدلة ما يلي:
1/ عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر والمغرب.
2/ عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر.
3/ عن عبد الله بن معقل قال: قنت في الفجر رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو موسى.
ولهذه الأدلة وغيرها يرى مشروعيته كثير من أهل العلم كالمالكية والشافعية، ففي المدونة الكبرى:
وقال مالك في القنوت في الصبح: كل ذلك واسع قبل الركوع وبعد الركوع، وقال مالك: والذي آخذ به في خاصة نفسي قبل الركوع. انتهى
وقال الإمام الشافعي في الأم: ولا قنوت في شيء من الصلوات؛ إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام. انتهى
وعليه، فلم يثبت عن ابن القيم قوله ببطلان الصلاة بسبب القنوت، والقنوت في الفجر ثبت في السنة فعله وتركه.
ومن فعله لا يوصف بكونه مبتدعاً، وبالتالي فالمصلون الذين يرون مشروعية القنوت ليسوا بأصحاب بدع ولا ينطبق على إمامهم كونه يجعل نفسه طريقاً للعابرين إلى الجنة ثم يرمى به في جهنم، كما أن فعل القنوت في حق من فرض عليه لا يعتبر طاعة لغير الله تعالى، لكونه مشروعاً قبل ذلك كما تقدم بيان الأدلة على ذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3394، والفتوى رقم: 22151.
والله أعلم.