الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمصادر السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام تذكر أن من تولى عقد نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة هو عمها عمرو بن أسد وليس ورقة بن نوفل، قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية:
وقد ذكر الزهري في سيره أن أباها زوجها منه إلى أن قال: قال المؤملي المجتمع عليه إن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها منه، وهذا هو الذي رجحه السهيلي وحكاه عن ابن عباس وعائشة قالت: وكان خويلد مات قبل الفجار ... وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة أن أخاها عمرو بن خويلد هو الذي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالله أعلم انتهى.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء : [قال] الواقدي حدثنا ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وابن أبي الزناد عن هشام وروي عن جبير بن مطعم أن عم خديجة عمرو بن أسد زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن أباها مات قبل الفجار، ثم قال الواقدي: هذا المجتمع عليه عند أصحابنا ليس بينهم اختلاف. انتهى.
وممن ذكر ذلك الطبري في تاريخه وابن الجوزي في صفة الصفوة وابن الأثير في الكامل في التاريخ وابن سعد في الطبقات الكبرى وغيرهم
إلا أن شمس الدين الأسيوطي ذكر في جواهر العقود عند ذكر أقسام المناكح في الجاهلية قال:
والرابع النكاح الصحيح وهو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم ولدت من نكاح لا من سفاح وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد قبل النبوة من ابن عمها ورقة بن نوفل وكان الذي خطبها له عمه أبو طالب فزوجها منه ابن عمها. انتهى كلامه. والصحيح ما تقدم وعليه جمهور أهل التأريخ والسير
أما كيف تم العقد فكبقية العقود في الجاهلية، وقد أقر الإسلام تلك العقود ، فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدا بتجديد العقد على زوجته، ولا فعل ذلك.
قال ابن القيم في زاد المعاد : فَإِنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ وَقَعَتْ وَهَلْ صَادَفَتْ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْإِسْلَامِ فَتَصِحَّ أَمْ لَمْ تُصَادِفْهَا فَتَبْطُلَ , وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ حَالُهَا وَقْتَ إسْلَامِ الزَّوْجِ ; فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْمَقَامُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَقَرَّهُمَا . وَلَوْ كَانَ فِي الْجَاهِلِية قَدْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ مِنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآنَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْرَارُ لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ ; فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي أَصَّلَتْهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم , وَمَا خَالَفَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ , وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
والله أعلم