الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فما يفعله هذا الأب حرام لا يجوز ، والواجب عليه أن يحسن تربية ولده على طاعة الله ، ويحرم عليه أن يعتدى على ولده في نفسه بضرب مبرح أو قتل وفي ماله بنهب أو اغتصاب، وللولد أن يدفع عن نفسه إن أراد والده قتله بأن يدفع بالأخف فالأخف ، فإن لم يندفع إلا بالقتل فلا يأثم بقتله، قال الزيلعي في تبيين الحقائق: لا يحبس الوالد في دين ولده، لأن الوالد لا يستحق العقوبة بسبب ولده، ألا ترى أنه لا يجب عليه القصاص بقتله, ولا بقتل مورثه, ولا يجب عليه الحد بقذفه, ولا بقذف أمه الميتة بطلبه. قال رحمه الله: ( إلا إذا أبى من الإنفاق عليه ) يعني لا يحبس بسبب الابن إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه فإنه حينئذ يحبس؛ لأن النفقة لحاجة الوقت وهو بالمنع قصد إهلاكه فيحبس لدفع الهلاك عنه، ألا ترى أن له أن يدفعه بقتله إذا شهر عليه السيف ولم يمكنه دفعه إلا بالقتل؛ ولأن دين النفقة يسقط بمضي الزمان , فلو لم يحبس عليها تفوت بخلاف سائر الديون لأنها لا تسقط بمضي الزمان , فلا يخاف فيها الفوات.اهـ
وقال الشربيني في مغني المحتاج : ( له ) أي المصول عليه ( دفع كل صائل ) مسلما كان أو كافرا , عاقلا أو مجنونا, بالغا أو صغيرا, قريبا أو أجنبيا, آدميا أو غيره ( على ) معصوم من ( نفس أو طرف ) أو منفعة ( أو بضع أو مال ) لخبر { من قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد } رواه أبو داود والترمذي وصححه. وجه الدلالة أنه لما جعله شهيدا دل على أنه له القتل والقتال : كما أن من قتله أهل الحرب لما كان شهيدا كان له القتل والقتال .اهـ
ولا يجب على الولد طاعة والده في ترك الزواج إن خشي على نفسه الفتنة ، ولا في ترك الجماعة إن أمره بذلك .
والله أعلم