الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة، وقد استدل كثير من العلماء بهذا الحديث على كراهة الإتيان بنافلة حال إقامة الصلاة.
قال النووي: (قال الشافعي والأصحاب: إذا أقيمت الصلاة كره لكل من أراد الفريضة افتتاح نافلة، سواء كانت سنة راتبة لتلك الصلاة، أو تحية مسجد، أو غيرهما لعموم هذا الحديث، وسواء فرغ المؤذن من إقامة الصلاة أم كان في أثنائها، وسواء علم أنه يفرغ من النافلة ويدرك إحرام الإمام أم لا، لعموم الحديث، هذا مذهبنا، وبه قال عمر بن الخطاب، وابنه، وأبو هريرة، وسعيد بن جبير وابن سيرين، وعروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وحكى ابن المنذر عن ابن مسعود أنه صلى ركعتي الفجر والإمام في المكتوبة. وقالت طائفة: إذا وجده في الفجر ولم يكن صلى سنتها يخرج إلى خارج المسجد فيصليها، ثم يدخل فيصلي معه الفريضة… وقال مالك مثله إن لم يخف فوات الركعة، فإن خافه صلى مع الإمام. وقال سعيد بن عبد العزيز وأبو حنيفة: إن طمع أن يدرك صلاة الإمام صلاهما في جانب المسجد، وإلا فليحرم معه) المجموع (4/ 109)، وانظر المغني: (1/498)، والتمهيد لابن عبد البر (22/70)، ومواهب الجليل (2/ 89)، وشرح فتح القدير لابن عبد الواحد (1/477).
والحاصل أن النهي قد ثبت عن ابتداء نافلة من حين إقامة الصلاة، ومن العلماء من حمل النهي على الكراهة، ومنهم من حمله على التحريم، ومنهم من قيد النهي بما إذا خيف فوات ركعة والراجح -والله أعلم- هو التحريم مطلقاً وذلك لسببين: الأول: أن الأصل في النهي أن يكون للتحريم، فلا يصرف عنه إلا بدليل صارف، ولا صارف هنا.
الثاني: أن قوله "لا صلاة" نكرة مبنية واقعة في سياق نفي، فهي نص في العموم الشامل لمن خاف فوات الركعة، ومن لم يخف فواتها، بل إنها تعم من أقيمت عليه الصلاة وهو في أثناء النافلة فعليه أن يقطع النافلة هو الآخر حصل ركعة أم لا.
أما كيفية قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة، فتكون بالسلام، أو أي مناف آخر، أو بمجرد الانصراف.
والله أعلم.