الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذكر على وجه العموم مشروع ومستحب في جميع الأوقات لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {الأحزاب:41ـ42}. وقال تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ {الأحزاب: 35}. وقال صلى الله عليه وسلم: لايزال لسانك رطبا بذكر الله . رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وراجع في فضل الذكر الفتاوى ذات الأرقام: 32076 ، 18384. وبناء عليه فلا بأس أن يلزم المرء نفسه بأوراد من أذكار بأعداد معينة تحصيلاً للأجر العظيم، وترطيباً للسان، وتزكية للنفس، شريطة أن لا يعتقد أي فضيلة لهذه الأعداد التي لم ترد في السنة، وإنما يفعل ذلك من باب ضبط الوقت. وكذلك أن لا يعتقد أن المداومة على هذه الأعداد سنة راتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن تأمل حال السلف الصالح وجد أن أكثرهم كانوا يلزمون أنفسهم بأوراد من الصلوات والأذكار والقراءة زائدة على ما ورد في السنة المطهرة ويحتجون على مشروعيتها بعمومات الكتاب والسنة الواردة في فضل الذكر والصلاة وغيرهما ، ومن يطلع على سيرهم رضوان الله عليهم يقف على صحة ذلك. وراجع كتاب سير أعلام النبلاء أو تاريخ الإسلام للإمام الذهبي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة أو القراءة أو الذكر أوالدعاء طرفي النهار وزلفاً من الليل وغير ذلك: فهذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديما وحديثاً، فما سن عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات: فعل كذلك، وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عمل كذلك كما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم. يجتمعون أحياناً: يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون. وكان عمر بن الخطاب يقول: يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون وكان من الصحابة من يقول: اجلسوا بنا نؤمن ساعة. اهـ. وراجع الفتوى رقم:60768. ولكن تخصيص كل يوم بذكر يداوم عليه فيه دون غيره من الأيام كما ورد في السؤال عمل لا نعلم له أصلا فينبغي اجتنابه حتى لا يكون من البدع الإضافية أي الابتداع في هيئة العمل وإن كان أصله مشروعاً.
والله أعلم.