الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتصحيح الإمام البيهقي للحديث لصحة الرواية بالوجادة عنده، وكذلك هي مقبولة عند عامة المتأخرين وأكثر المتقدمين، قال ابن الصلاح: فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شروطها. انتهى من علوم الحديث.
وقال النووي في التقريب: وقطع بعض المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه في هذه الأزمان غيره.
أما قولك (أورد قول الإمام أحمد) فكأنك بنيته على أن المراد بقوله (قال أحمد) أنه أحمد بن حنبل وهو خطأ ظاهر؛ بل هو (أحمد بن الحسين البيهقي) نفسه صاحب الكتاب، وهي طريقة كثير من أهل العلم عند التعقيب على كلام أوردوه، ومثاله أيضاً مما هو مشهور عند طلبة العلم قول ابن حزم في المحلى قال (أبو محمد) أو قال (علي بن أحمد) والمراد ابن حزم نفسه.
وأما قوله (هذا أصح ما روي عن علي في هذا): فلا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث، وإنما المراد بها أرجح وأقوى ما روي عن علي، وعلى كلٍ فإن البيهقي صحح إسناد الحديث بعبارة صريحة كما تقدم.
أما رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فأكثر أهل العلم على قبولها والاحتجاج بها، قال الشوكاني في نيل الأوطار: وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيه مقال مشهور، قال الترمذي: قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحاق وذكر غيرهما يحتجون بحديث عمرو بن شعيب قال: وقد سمع شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وقال أبو عيسى: ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه لأنه يحدث من صحيفة جده، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده. انتهى.
وقال السيوطي في تدريب الراوي: الخامس: أحاديث جماعة من الأئمة عن آبائهم عن أجدادهم لم تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم إلا عنهم كعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.... أجدادهم صحابة وأحفادهم ثقات فهذا أيضاً محتج به ومخرجه في كتب الأئمة دون الصحيحين. قال شيخ الإسلام: ليس المانع من إخراج هذا القسم في الصحيحين كون الرواية وقعت عن الأب عن الجد؛ بل لكون الراوي أو أبيه ليس على شرطهما. انتهى.
والله أعلم.