الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز العمل في المحاكم الوضعية التي تحكم بغير ما أنزل الله، والأجرة المأخوذة على ذلك حرام، لما في ذلك من المعاونة لتلك المحاكم على باطلها، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وعليه؛ فلا يجوز لأبيك أن يعمل في تلك المحاكم إلا أن يكون مضطراً إلى هذا العمل بحيث إذا تركه لم يجد ما يسد ضرورياته من المأكل والمشرب ونحو ذلك له ولمن يعول، فإن كان مضطراً على هذا النحو فلا حرج -حينئذ- في بقائه في هذا العمل حتى يجد عملاً آخر تندفع به ضرورته، ولا حرج عليك في أكلك من دخله، ما دمت عاجزاً عن عمل تستغني به أو عاجزاً عن الجمع بين العمل والدراسة، بشرط أن تكون هذه الدراسة في نفسها مباحة، وفيها نفع للمسلمين، ولمعرفة حكم من حكم بغير ما أنزل الله، راجع الفتوى رقم: 35130.
وليس في أخذ المسلم من الكافر نفقة أو أجرة مقابل عمل قام به، موالاة لهذا الكافر، وراجع الفتوى رقم: 1367.
ولا يلزمك -مع الاضطرار- أن تنوي الاقتراض من كسب أبيك سواء أخبرته بذلك أم لم تخبره، وإن نويت ذلك فلا بأس، لكن ننبه إلى أن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يجوز الانتفاع من دخل أبيك من هذا العمل إلا بمقدار ما تندفع به الضرورة فقط، وما بقي فإنه يصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 17605.
ولا يشمل حالتك ما جاء في الفتوى المشار إليها لأنها فيمن اختلط ماله الحلال بالحرام، أما كسب أبيك من هذه المحكمة فهو محرم، كما تقدم.
والله أعلم.