الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القرآن الكريم أثبت كون إسماعيل وإسحاق ولدي إبراهيم كما تفيده الآيات الواردة في سورة الصافات عند قصة إبراهيم، وبناء عليه فإن إسحاق هو والد يعقوب كما يفيده حديث البخاري: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
وأما إسماعيل فهو عمه ولكن العم يطلق عليه أب في لغة العرب كما يفيده الحديث: العم والد. رواه الطبراني، وحسَّن الهيثمي والألباني سنده.
وروى ابن أبي حاتم عن أبي العالية ومحمد بن كعب في تفسير هذه الآية أنه سمى العم أبا.
وأما قراءة وإله أبيك فإنها ليست قراءة متواترة، ومع ذلك فليس فيها ما يُنكَر فقد بين أهل العلم توجيهها، فقد ذكر القرطبي والشوكاني في تفسيريهما وجهين في توجيهها: الأول: أن يراد بأبيك إبراهيم، إبراهيم وحده والعرب تطلق على الجد أباً، وعلى هذا فقد عطف كلمة إسماعيل على كلمة أبيك فيكون المعنى وإله أبيك وإله إسماعيل.
والثاني: أن تكون كلمة أبيك أصلها أبين جمع مذكر سالم لأب وحذفت النون للإضافة وهو مذهب إمام النحاة سيبويه، فقد حكى عن العرب أنهم يجمعون كلمة أب فيقولون: أبون وأبين، ومن هذا قول الشاعر:
فلما تبين أصواتنا * بكين وفديننا بالأبينا
وأما قراءة وإله إبراهيم فهي شاذة أيضاً ولكن معناها واضح، وأقصى ما فيها أنها حذفت منها كلمة أبائك، ولا أشكال في هذا فإن القراءات العشر المتواترة قد تثبت كلمة في إحداها وتحذف في أخرى، كما هو معروف عند أهل الفن، ومن أمثلته هو في قوله تعالى: وهو الغني الحميد {الحديد:24} في قراءة الجمهور وهي غير موجودة في قراءة نافع وابن عامر. ومن أمثلته "مِن" في قوله تعالى في سورة يونس: تجري من تحتها الأنهار، في قراءة ابن كثير وهي غير موجودة في قراءة الجمهور.
والله أعلم.