الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق الرد على هذه الشبهة في الفتوى رقم: 54814.
وأما قوله إن الله رفع المسيح نجاة له من القتل فنقول إن هذا ثابت في القرآن الكريم، وليس في أناجيلهم المحرفة والتي فيها أن عيسى عليه السلام صلب، وسمرت يداه، ووضع الشوك على رأسه، وأهين، وتفلوا في وجهه، وهو مع هذا يبكي ويصيح ثم قتلوه، ومسألة الصلب من عقائد النصارى المتفق عليها بين طوائفهم المختلفة، فإما أن يحتجوا بالقرآن جملة ويشهدوا على أنفسهم بالكفر، وإما أن يتركوا الاحتجاج به وينشغلوا بما لديهم.
وأما قوله إن كرامة نبي الإسلام أقل عند الله من المسيح فنقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم أكرم الأولين والآخرين، وهو أفضل الخلق أجمعين، وراجع الفتوى رقم: 40462 وقد خصه الله عز وجل بالعديد من المعجزات التي لا تقل شيئا عن معجزة رفع عيسى التي أثبتها القرآن، ومن هذه المعجزات نفس الواقعة التي استدل بها، فقد أخبرته الشاة أنها مسمومة فنهى أصحابه من الأكل. قال الحافظ في الفتح: فلما ازدرد لقمة قال: إن الشاة تخبرني أنها مسمومة. اهـ. فاقتضت حكمة الله عز وجل أن يموت في الأجل الذي أجله الله له بعد سنوات من تناوله الأكل المسموم رغم تأثره به. وقد جمع الله له بين الحسنيين أنه لم يسلط عليه من يقتله مباشرة وعصمه من الناس ونجاه من كيد الكائدين، وكذلك كتب له الشهادة ليكتب مع الشهداء، وما أعظم أجر الشهيد، أليس كل ذلك عصمة له وتكريما؟!
أما شكه في قدرة رب الكعبة على حماية رسوله الكريم- تعالى الله عما يصفون- فهذا من عمى القلب، فحينما تصاب القلوب بالعمى بسبب ما يغشاها من الحقد والكراهية يدفعها حقدها إلى تشويه الخصم بما لا يعيب، ويتهموه بما لا يصلح أن يكون تهمة، وكيف يقول هذا وقد نجى الله نبيه من القتل حتى مات بعدها بسنوات، بل قالت له اليهودية صاحبة السم: إن كنت نبيا لم يضرك الذي صنعت.
والله أعلم.