الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على المسلم أن يحفظ لسانه ويحذر من زلاته، فاللسان من أخطر الجوارح، فقد يورد صاحبه المهالك ويهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب إذا استخدمه فيما لا يرضي الله تعالى، وبالمقابل فإن بإمكانه أن يرتقي بسببه إلى أعلى عليين إذا استعمله في الخير فهو سلاح ذو حدين، يستعمل في الخير كما يستعمل في الشر، ويكون سببا في السعادة كما يكون سببا في الشقاء، نسأل الله تعالى العافية.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: .. كف عليك هذا، فقال: يا رسول الله: و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
والغضب من أخطر ما يجر لصاحبه المتاعب ويؤدي به إلى المهالك، فيندم حيث لا ينفع الندم؛ ولهذا حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاءه رجل يطلب منه الوصية فقال له: لا تغضب، فردد مرارا فقال: لا تغضب. رواه البخاري ومسلم.
فإن كان قصدك بما قلت مخاطبة شخص آخر بهذه الكلمة أي أنه يحرم عليه دينك، فهذا كلام لغو لا قيمة له ولا يترتب عليه حكم ولا ينبني عليه فعل، إلا إذا كان قصدك الدعاء عليه بالموت على الكفر فهذه كبيرة عظيمة قد تصل إلى الردة إذا قصد الرضى له بالكفر.
وأما إن كان قصدك مخاطبة نفسك -وهذا ما نستبعده- أي أنك تحرم على نفسك الدين أو تدعو الله أن يحرم عليك الدين أو ما أشبه ذلك، فهذا قول منكر وأمره خطير قد يصل بصاحبه إلى الكفر أيضاً -والعياذ بالله-، ولكن الراجح من أقوال أهل العلم أنه ليس بكفر مخرج من الملة، قال العلامة خليل في المختصر مع الشرح: لا بأماته الله كافرا -على الأصح- أي لا يكفر بدعائه على نفسه أو غيره بالموت على الكفر.
والحاصل أن على المسلم أن يمسك لسانه عما لا ينبغي ويحذر من الغضب وما يجر إليه، وعلى كل فإن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما صح بذلك الحديث عن محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.