الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كانت حائضاً أو نفساء، أو كان جنباً ولم يغتسل، فإنه يحرم عليهم المكث في المسجد ولو لسماع دروس العلم، لما رواه أبو داود في سننه عن جَسْرَةَ بِنْتِ دِجَاجَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: جَاءَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَوَجُوهُ بُيُوتِ أصْحَابِهِ شَارعَةٍ في المَسْجِدِ، فَقال: وَجّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عن المَسْجِدِ، ثُمّ دَخَلَ النّبيُ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئاً رَجَاءَ أنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ بَعْد فقال: وَجّهُوا الْبُيُوتَ عن المَسْجِدِ، فإنّي لا أُحِلّ المَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلاَ جُنُبٍ.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب. رواه ابن ماجه.
إلا أنه يجوز لها أن تمر مروراً بالمسجد لحاجة عارضة ولا تمكث فيه، لما رواه أحمد والنسائي عن ميمونة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل على إحدانا وهي حائض، فيضع رأسه في حجرها، فيقرأ القرآن وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد.
وأما إن كان بالمسجد مكان ملحق به ولم يعد للصلاة، كممر موصل إلى مكان الصلاة، أو غرفة أعدت للمطالعة والانتظار، فلا حرج في الجلوس في هذا المكان، لأن المنع يختص بالمسجد وهو المكان المعد للصلاة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- (في اعتكاف المرأة): وإن كانت له رحبة خارجة من المسجد يمكن أن تضرب -أي الحائض المعتكفة- فيها خباءها، فقال الخرقي: تضرب خباءها فيها -أي في رحبة المسجد- مدة حيضها، وهو قول أبي قلابة. انتهى كلامه -رحمه الله-
وعلى ذلك؛ فلا حرج في جلوسكن مدة الحيض في هذا الممر لسماع دروس العلم.
والله أعلم.