الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الذي غلب عليك نعاساً معتاداً، فمن السنة ترك الصلاة، والخلود إلى النوم حتى يذهب النعاس، وتؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يستغفر فيسب نفسه. متفق عليه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا والجمهور. اهـ
والنوم إن كان في حال الجلوس بدون استناد لا ينقض الوضوء، كما في الفتوى رقم: 17134.
وأما النوم في حال الركوع أو القيام أو السجود، فقد فصل ابن قدامة القول فيه حيث يقول بعد ذكره حكم النوم حال الاضطجاع أو الجلوس: الثالث ما عدا هاتين الحالتين وهو نوم القائم والراكع والساجد، فروي عن أحمد في جميع ذلك روايتان إحداهما ينقض وهو قول الشافعي لأنه لم يرد في تخصيصه من عموم أحاديث النقض نص، ولا هو في معنى المنصوص، لكون القاعد متحفظاً لاعتماده بمحل الحدث على الأرض والراكع والساجد ينفرج محل الحدث منهما، والثانية لا ينقض إلا إذا كثر، وذهب أبو حنيفة إلى أن النوم في حال من أحوال الصلاة لا ينقض ولو كثر إلى أن قال: والظاهر عند أحمد التسوية بين القيام والجلوس لأنهما يشتبهان في الانخفاض واجتماع المخرج، وربما كان القائم أبعد من الحدث لعدم التمكن من الاشتغال في النوم، فإنه لو اشتغل لسقط. انتهى
وعليه، فمن السنة الكف عن الصلاة في هذه الحالة، والرجوع إلى النوم حتى يذهب النعاس، وليس في هذا ذنب، بل هو مطلوب، وليس هذا من المجاهدة المشروعة، لأنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما النوم إن كان في حال الجلوس فغير ناقض للوضوء على الراجح، وإن كان في حال القيام أو الركوع أو السجود، ففيه خلاف بين أهل العلم، والاحتياط الوضوء من جديد بسبب النوم المذكور.
وإذا كان النعاس المذكور خارجاً عن المألوف، فينبغي السعي في علاجه بالأمور المفيدة في هذا المجال، والتي هي مفصلة في الفتوى رقم: 51414.
وللتعرف على فضل قيام الليل وأهميته راجعي الفتوى رقم: 2115.
والله أعلم.