الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصورة المذكورة في السؤال مضاربة قد استوفت شروطها من تسليم رأس المال للعامل، وتحديد نسبة من الربح لكل من المضارب والعامل، وكون رأس المال نقداً لا عروضاً، وليس لرب المال سوى ما اتفقتما عليه من نسبة من الربح وهو النصف، فيكون له نصف ربح الدفعة الأولى عن مدة عمل ستة أشهر، ونصف ربح الدفعة الثانية عند مدة شهر واحد، لأنه يستحق الربح بماله وأنت تستحق الربح بعملك، فلا يجب له من الربح إلا بقدر ما سلم لك من المال، كلٌّ بحسب مدته، قال السرخسي في المبسوط: من شرط المضاربة دفع المال إلى المضارب. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: قال ابن عرفة: شرط المال يعني في المضاربة كونه معلوماً محوزاً، ويجب أن يكون حظ العامل جزءاً من الربح معلوم النسبة منه. انتهى.
وقال النووي في المنهاج: ومسلماً إلى العامل فلا يجوز شرط كون المال في يد المالك. انتهى.
وقد صرح الفقهاء بأنه إذا هلك بعض المال قبل عمل المضارب، فالمضاربة صحيحة فيما بقي من المال فقط، قال البهوتي في كشاف القناع: وإن تلف بعض رأس المال قبل تصرفه -أي العامل- فيه انفسخت فيه -أي التالف- المضاربة وكان رأس المال هو الباقي خاصة، لأنه مال هلك على جهته قبل التصرف أشبه التالف قبل القبض. انتهى.
والله أعلم.