الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج في تحديد أوقات معينة في الأسبوع لدراسة العلوم الشرعية، بحيث تتكرر هذه الأوقات المعينة دورياً بانتظام، بل إن ذلك أدعى للنظام والانضابط في الطلب، وهو عين ما تفعله الهيئات التي تعنى بالدراسات الأكاديمية النظامية كالجامعات، والأصل في ذلك المصالح المرسلة، وانظر الفتوى رقم: 27680.
أما التزام بعض جماعة المسجد بإحياء ليالٍ معينة بصورة تتكرر دورياً بانتظام، ففيه تفصيل: فإن اعتقد المصلون فضل الصلاة في هذه الليالي بخصوصها دون غيرها من الليالي بدون أن يدل على ذلك دليل صحيح صريح، فهذا العمل بدعة، وعليه فينبغي ترك هذا العمل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد. وفي رواية: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه البخاري ومسلم.
وأما إن لم يعتقد المصلون فضل قيام الليالي المخصوصة، بل لم يدر بخلدهم ولم يخطر ببالهم أصلاً، وإنما هذه الليالي ناسبت فراغهم من الدراسة أو ناسبت اجتماعهم في ليلة إجازتهم الأسبوعية من أعمالهم أو نحو ذلك فلا حرج إن شاء الله، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام ونهارها بالصيام، فقال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام. رواه مسلم.
وقد ثبت فضل الذكر والدعاء وقراءة القرآن يوم الجمعة، فتخصيص ليلتها بالقيام أو نهارها بالصيام يوهم اعتقاد فضل ذلك، فنهى عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي لحظه شيخ الإسلام من النهي، فقال: فإذا كان يوم الجمعة يوماً فاضلاً يستحب فيه من الصلاة والدعاء والذكر والقراءة والطهارة والطيب والزينة ما لا يستحب في غيره، كان ذلك في مظنة أن يتوهم أن صومه أفضل من غيره، ويعتقد أن قيام ليلته كالصيام في نهاره لها فضيلة على قيام غيرها من الليالي، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التخصيص دفعاً لهذه المفسدة التي لا تنشأ إلا من التخصيص. انتهى. من اقتضاء الصلاة المستقيم.
فالعبرة بما يقوم في القلب من اعتقاد ثبوت ما لم يثبت بالشرع، وهذه هي المفسدة التي أشار إليها شيخ الإسلام، والله تعالى أعلم.
ولكننا ننصحكم أن تزيدوا في برنامجكم العلمي مادة العقيدة، ولتكن من كتاب (الإيمان) للدكتور محمد نعيم ياسين، وكذلك مادة الحديث ولتكن من كتاب (شرح الأربعين النووية) للإمام النووي، فإنه نافع جداً.
والله أعلم.