الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي أشرت إليه أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر بلفظ: أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. وزاد مسلم في رواية: إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه. وفي لفظ آخر عند مسلم: إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما.
وقد نص أهل العلم أن لفظة الكفر في الحديث محمولة على الكفر الأصغر، واستدلوا بحديث ثابت بن الضحاك عند البخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بالكفر فهو كقتله.
والقتل ليس كفراً، وقد شبه به تكفير المؤمن. راجع الفصل لابن حزم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة: فقد سماه أخا حين القول، وقد قال: فقد باء بها. فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: هذه الأحاديث على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على وجه الحقيقة. انتهى، هذا عن معنى الحديث والمراد بالكفر فيه.
وننصح لهذا الأخ: بالتوبة النصوح والحذر من مكر الله تعالى، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {الأنفال:24}.
فإياك والاستهزاء بحدود الله أو تكفير المؤمنين، وأمسك عليك لسانك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ضمن لي ما بين لحييه ورجليه أضمن له الجنة. رواه الطبراني وصححه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه أحمد والترمذي عن معاذ وقال حسن صحيح.
والله أعلم.