الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلماء المصنفين في علم مصطلح الحديث لم ينصوا على أصح المستخرجات، ولكن نص بعضهم على أصح الأحاديث في المستخرجات، وذلك فيما وقفنا عليه من كتب ومراجع، لأن مقصود أصحاب المستخرجات ليس الصحة، وإنما هو علو الإسناد فإن حصل وقع الغرض فإن كان مع ذلك صحيحاً أو فيه زيادة حسن حصل ذلك اتفاقاً وإلا فليس ذلك هو المقصود.
أما فائدة المستخرجات، فقال الإمام النووي في التقريب: وللكتب المخرجة عليهما فائدتان: علو الإسناد وزيادة الصحيح فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما. انتهى.
وتعقبه الحافظ: بأن هذا مسلم في الرجل الذي التقى فيه إسناد المستخرج وإسناد مصنف الأصل، وفيمن بعده، وأما من بين المستخرج وبين الرجل فيحتاج إلى نقد، لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك. انتهى.
قال السيوطي في التدريب: وبقي له فوائد أخرى منها: القوة بكثرة الطرق للترجيح عند المعارضة، ومنها أن يكون مصنف الصحيح روى عمن اختلط ولم يبين له سماع ذلك الحديث في هذه الرواية قبل الاختلاط أو بعده فيبينه المستخرج.. ومنها أن يروي في الصحيح عن مدلس بالعنعنة فيرويه المستخرج بالتصريح بالسماع، ومنها أن يروي عن مبهم كحدثنا فلان أو رجل فيعينه المستخرج، ومنها أن يروي عن مهمل، كمحمد من غير ذكر ما يميزه عن غيره من المحمدين فيميزه المستخرج، قال شيخ الإسلام: وكل علة أعل بها حديث في أحد الصحيحين جاءت رواية المستخرج سالمة منها، فهي من فوائده، وذلك كثير جداً. انتهى بتصرف بسيط.
أما ضابط الأخذ منها فهو صحة الإسناد بين المستخرج وبين الرجل الذي التقى فيه إسناده مع إسناد صاحب الصحيح، لأن المستخرج أخرج أحاديث الصحيح بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه، قال الحافظ العراقي، قال الحافظ: أما من بين المستخرج وبين الرجل فيحتاج إلى نقد لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك.
ولا يصح أن ننقل من المستخرجات حديثا ونقول رواه البخاري أو مسلم أو أخرجاه وإن كانا أخرجا أصله إلا أن يقول المستخرج أخرجه بلفظهما أو بلفظ أحدهما أو أن تقابله بهما، قال الإمام النووي في التقريب: وكذا ما رواه البيهقي والبغوي وشبههما قائلين رواه البخاري أو مسلم وقع في بعضه تفاوت في المعنى فمرادهم أنهما رويا أصله، فلا يجوز أن تنقل منها حديثاً وتقول هو كذا فيهما إلا أن تقابله بهما، أو يقول المصنف أخرجاه بلفظه. انتهى.
والله أعلم.