الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلاً.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: هذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه أو انتماء العتيق إلى ولاء غير مواليه، لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق. وراجع لزيادة الفائدة الفتوى رقم: 32867.
وعليه فما يفعله أولئك الذين ذكرت أنهم ينمون أنفسهم إلى أناس آخرين وقبائل أخرى، إن كنت تعني بكلمتي آخرين وأخرى أنهم ينتمون إلى غير قبائلهم ففعلهم ذلك لا يجوز، وواجب المسلم إزاءه أن يصحح لهم المسألة ويبين لهم ما فيها من الإثم، عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
ولكن اعلم أنه يكفي من الدليل على ثبوت النسب حيازة المرء له زمنا طويلاً، ففي المدونة: قال مالك: إذا طرأ رجل على قوم من بلد لا يعرفونه، فقال: أنا رجل من العرب: فأقام بينهم أمرا قريباً، فقال له رجل: لست من العرب، قال: قال مالك: لا يضرب هذا الذي قال له لست من العرب الحد، إلا أن يتطاول زمانه مقيما بين أظهرهم الزمان الطويل، يزعم أنه من العرب فيولد له أولاد ويكتب شهادته ويحوز نسبه ثم يقول بعد ذلك له رجل: لست من العرب، قال فهذا الذي يضرب من قال له لست من العرب الحد لأنه قد حاز نسبه هذا الزمان كله ولا يعرف إلا به.
والله أعلم.