الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصوم القضاء والكفارة إما أن يكون على الفور وإما أن يكون على التراخي، وإما أن يكون في أحدهما على الفور وفي الآخر على التراخي وضابط الفورية في القضاء أن يكون الفطر حصل بغير عذر، وضابط الفورية في الكفارة أن يكون موجبها محرما كالقتل العمد العدوان واليمين الغموس عند من يقول بأنها تكفر ونحو ذلك.
قال الإمام النووي في المجموع: الصوم الفائت من رمضان كالصلاة، فإن كان معذوراً في فواته كالفائت بالحيض والنفاس والمرض والإغماء والسفر فقضاؤه على التراخي ما لم يحضر رمضان السنة القابلة.. وإن كان متعديا في فواته ففيه الوجهان كالصلاة، أصحهما عند العراقيين قضاؤه على التراخي، وأصحهما عند الخراسانيين وبعض العراقيين، وهو الصواب أنه على الفور.. وأما الكفارة فإن كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين في بعض الصور، فهي على التراخي بلا خلاف لأنه معذور، وإن كان متعديا فهل هي على الفور أم على التراخي؟ فيه وجهان حكاهما القفال والأصحاب (أصحهما) على الفور.
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج عند كلامه على كفارة القتل: ويجب الفور في العمد وشبهه كما هو ظاهر تداركا لإثمهما بخلاف الخطأ.
وعليه فلا يخلو من أن يكون صوم القضاء والكفارة الواجبين عليك من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكونا على الفور.
الثانية: أن يكونا على التراخي ولك في هاتين الحالتين تقديم أيهما شئت.
الثالثة: أن يكون أحدهما على الفور والآخر على التراخي وفي هذه الحالة يجب عليك تقديم الواجب على الفور على الواجب التراخي، قال المليباري في فتح المعين: ويجب تقديم ما فات بغير عذر على ما فات بعذر.
ولكن لو فرض أنك قدمت قضاء الواجب على التراخي، على الواجب على الفور فإنه يجزئك ولا إثم عليك ما دمت أقدمت على ذلك جاهلاً.
والله أعلم.