الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان المتحدثون يتكلمون اللغة العربية ويستطيعون الحديث بها، فإن فعلهم هذا يخالف شرع الله تعالى وتعاليم رسوله الكريم الذي يحث على الإلفة والمودة بين الناس، ويعتبر اللغة العربية ويجعلها من شعائر الإسلام ولغة المسلمين الكبرى، وهو كذلك إساءة للأدب مع جليسهم وذوي رحمهم.
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتناجى الاثنان دون الواحد، كما في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد. وفي رواية: لأن ذلك يحزنه.
ومن باب أحرى إذا كانت جماعة تتحدث دون واحد، ولهذا قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وكذلك الجماعة إذا أبقوا واحداً منهم. لوجود العلة التي علل بها النبي صلى الله عليه وسلم النهي وهو كون التناجي دونه يحزنه أو يشعره بالمهانة وعدم الاعتبار.
والتحدث باللغة الأجنبية أو إدخال بعض عباراتها أو مفرداتها في اللغة العربية من المصائب التي ابتلي بها المسلمون والهزائم التي منوا بها في هذا العصر بسبب الابتعاد عن دينهم الذي هو مصدر قوتهم وعزتهم، وهو نتيجة من نتائج الغزوالفكري الذي استهدف عقول المسلمين وعقائدهم وأخلاقهم ولغتهم، فأثر في عقول بعض الشباب وضعاف النفوس، وقد حذر أهل العلم قديماً وحديثاً من هذا الأمر ومنعوا التحدث بغير اللغة العربية إلا لحاجة أو لمن لا يتحدث بها أصلاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن فلا ريب أنه مكروه، فإنه من التشبه بالأعاجم.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إن المسلم ينبغي له ألا يتكلم بغير العربية إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
وعلى هذا، فلا مانع شرعاً أن ينسحب الأخ من هذا النوع من المجالس الذي لا يقيم أهله وزناً لجليسهم، وإن كان الأفضل أن ينبههم بطريقة ودية إلى خطئهم وهو ما ننصح به السائل الكريم، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 33344.
والله أعلم.