الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يكشف كربك وييسر أمرك وأن يرد عليك مالك ومال شركائك، وأما عن جواب مسألتك، فاعلم أن يدك على تلك الأموال التي دفعها إليك أصحابها لتتجر فيها يد أمانة ولا ضمان عليك فيها إلا في حالة التعدي أو التفريط، فإذا حصلت خسارة أو غصب أو سرقة أو مماطلة أو نحو ذلك في رأس المال أو الربح بدون تعد منك أو تفريط لم يلزمك شيء.
جاء في مغني المحتاج: والعامل أمين فيما في يده، فإن تلف المال في يده من غير تفريط لم يضمن لأنه نائب عن رب المال في التصرف فلم يضمن من غير تفريط كالمودع.
واختلف أهل العلم في بيع المضارب السلعة ديناً بدون إذن صاحب رأس المال هل يعد ذلك تفريطاً فيضمن أو لا؟
فذهب الحنفية والحنابلة في رواية إلى أنه يجوز للعامل البيع نسيئة، قال السرخسي: فكذلك ما هو من صنع التجار يملكه المضارب بمطلق العقد ويبيع بالنقد والنسيئة عندنا.
بينما ذهب الشافعية والمالكية إلى عدم جواز بيع المضارب السلعه ديناً إلا بإذن رب المال، قال الباجي من المالكية: وليس للعامل أن يبيع نسيئة إلا بإذن رب المال.
والراجح عدم جواز بيع العامل مال المضاربة ديناً إلا بإذن من صاحب المال صراحة أو بأن تدل على ذلك قرينة، فإذا لم يأذن وباع المضارب بالدين فقد تعدى وعليه الضمان، وبهذا تعلم أنه يلزمك ضمان أموال الشركاء في حالة بيعك البضائع ديناً بدون إذن صريح أو ضمني من قبلهم، وإذا لم يكن عندك ما تسدد الدين به الآن وجب عليهم إنظارك، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.
وأما إذا كنت بعت تلك البضائع ديناً بإذن منهم فلا ضمان عليك ويلزمهم الانتظار حتى تحكم المحكمة.
والله أعلم.