الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الحال على ما وصفت حقاً، فلا شك أن هذا الزوج أخطأ في حقك، ولم يمتثل أمر الله تعالى، ولم يحفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل، فالذي نوصيك به الآن هو التفاهم مع زوجك، وتذكيره بحقك عليه في إعفافك، وحق أولاده عليه في التربية والرعاية، والاتفاق معه على ما تقتضيه من الإقامة معه في تلك البلاد، أو العودة إليكم حسب الإمكان، وذكريه بما قد يترتب على هذا الحال الذي هو عليه من تشتت الأسرة وضياع العيال، فإن تم الاتفاق فالحمد لله.
وإن أصر الزوج على عدم العودة أو الاستقدام، ودون أن يكون له عذر، وكان بإمكانك الصبر على هذا الحال رعاية لأولادك، ونظراً لمصلحتهم عسى أن يعود أبوهم إلى رشده، ويرجع عما هو عليه من تضييع حقك وحقهم، فلا شك أن هذا أولى، وإن خشيت على نفسك الضرر، أو على أولادك الضياع بسبب عدم النفقة، أو رأيت مخالعته بسبب كرهك إياه جاز لك رفع الأمر إلى القاضي، ليحكم بما تقتضيه كل حالة من طلاق أو إلزام بالنفقة ونحو ذلك.
واعلمي أنه لا يجوز لك الطلاق لمجرد كون زوجك قد تزوج من امرأة أخرى، لأن هذا أمر أباحه الله تعالى.
وبخصوص الطلقة التي أوقعها عليك، فإن كان قد تلفظ بها، فتحسب تطليقة، ولا عبرة بادعائه أنه فعل ذلك لمصلحة خاصة، وإن اكتفى بمجرد كتابة الطلاق دون التلفظ به فالراجح عدم وقوع الطلاق بمجرد الكتابة إلا مع العزم على الوقوع، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 8656.
وعلى تقدير وقوع الطلقة وكانت الأولى أو الثانية، فتكون رجعية يملك الزوج فيها إرجاعك بلا عقد جديد أو مهر جديد، ويستحب الإشهاد عليها، وإذا انقضت العدة ولم يراجع كانت الطلقة بائنة بينونة صغرى لا يملك الزوج فيها الرجعة إلا بعقد ومهر جديدين، فإذا فعل ذلك صح النكاح ولو لم يوثق بالكتابة عند القاضي أو المأذون.
والله أعلم.