الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالثلث الأخير من الليل هو وقت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا، فيشرع في هذا الوقت الصلاة، وليس الأمر مقتصرا على الصلاة فحسب، بل يشرع الدعاء والاستغفار، والذكر، كما قال صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له. رواه البخاري ومسلم.
فلا حرج أن تقوم المرأة الثلث الأخير من الليل لتدعو الله عز وجل وتذكره وتسبحه، ولها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب ولو كانت حائضا، على الراجح من أقوال أهل العلم، وإنما تمنع الحائض من الصلاة ومس المصحف والطواف بالبيت ودخول المسجد.
ومما يدل على جواز الذكر والدعاء للحائض قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت وهي محرمة بالحج في حجة الوداع: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. رواه البخاري ومسلم. ومن المعلوم أن الحاج يقوم بكثير من الأذكار مثل التلبية ومثل الذكر والدعاء في عرفة، والذكر في أيام منى، والدعاء بعد رمي الجمار، والذكر والدعاء في المشعر الحرام، قال الله تعالى: [فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ] (البقرة: 198) إلى قوله: [وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ] (البقرة: 203).
وأما قراءة القرآن للحائض فسبق حكمها في الفتاوى التالية: 6592، 2845، 2982.
والله أعلم.