الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على شقيقتك التحلي بالصبر وأن تحتسب عند الله ما تلاقيه من زوجها، وعليها كذلك أن تختار أوقاتاً تجلس معه فيها وتنصحه وتعبر له عن احتياجاتها ورغباتها ومشاعرها بكل صراحة. وعليها أن تكثر من دعاء الله أن يهدي لها زوجها وأن يرزقها السعادة الزوجية، فالله على كل شيء قدير، وهو بالإجابة جدير، وتتحرى في دعائها أوقات الإجابة خاصة ثلث الليل الآخر وتلتزم آداب الدعاء. ولا بأس أن يتدخل أحد الأطراف بغرض الإصلاح بينهما، فينصح الزوج، ويذكره بحقوق زوجته وواجباته نحوها، وما شرعه الله تعالى في ذلك.
فإن أبى الزوج بعد كل ذلك إلا الاستمرار فيما هو عليه من فساد الأخلاق وسوء العشرة، والإساءة إلى زوجته، فلها حينئذ أن تطلب الطلاق، فإن ضابط العلاقة بين الزوج وزوجته كتاب الله: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، ونريد أن نؤكد في هذا المقام على أن الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، ولو كانت غنية كما قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7]، وذلك لأن الإنفاق من جملة أسباب قوامة الرجل على زوجته، كما قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34].
ولكن إذا شاركت المرأة زوجها في النفقة بطيب نفس، فإن ذلك يدل على حسن طبعها وكمال خلقها، وكل ما تبذله برضاها صدقة تثاب عليها، ولكن لا يحل للزوج أن يأخذ مال زوجته رغماً عنها، ولمزيد بيان راجعي الفتوى رقم: 32280.
ولا يفوتنا هنا أن ننبه إلى أن المرأة لا تخرج إلى العمل إلا بشروط وضوابط، تجدينها في الفتوى رقم: 8528 .
هذا وإن للزوجة على زوجها حقوقاً أخرى غير النفقة، منها الإحسان إليها ومعاشرتها بالمعروف، كما قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وكون زوج شقيقتك يقاطعها فلا يتكلم معها أياماً، ويُكرهها على الجماع حتى ولو كانت مريضة أو مرهقة، فإن هذا لا شك من سوء العشرة، وفي الفتوى رقم: 31386، والفتوى رقم: 9560 بيان الواجب على الزوج اتجاه زوجته في معاملته إياها.
وإذا كانت أختك مريضة ولا تقوى على الجماع، فإنها لا تأثم إذا لم تمكنه من ذلك، لكن عليها أن تحاول إمتاعه بما لا يشق عليها من طرق الاستمتاع الأخرى، وأما ما فقدته شقيقتك من أجنة، فبشريها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
والله أعلم.