الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما أجبنا به على السؤال المذكور هو فيما يتعلق بكون ما يحسه المصلي من القشعريرة من تلامس قدمه بقدم من بجانبه مبيح للتخلف عن صلاة الجماعة أم لا؟ وهذا ما يفهم من السؤال.
أما سؤالك عن التخلف عن الجماعة بسبب تخوفك من مضايقة من يصلي بجانبك والتأثير على خشوعه وعلى خشوعك فهذا التخوف نخشى أن يكون مجرد وهم وتلبيس من الشيطان ليفوت عليك فضيلة وأجر صلاة الجماعة، فينبغي لك عدم الالتفات لذلك والحرص على صلاة الجماعة في المسجد، فإن الشيطان حريص على إيجاد الذرائع والأعذار التي يظنها صاحبها أعذارا ليصرفه عن الخير ويوقعه في الشر كما قال العلماء: الشيطان قد يفتح للإنسان سبعين بابا من أبواب الخير ليفتح له بابا من أبواب الشر، أوليضيع عنه بابا من أبواب الخير أعظم من تلك السبعين.
أما إذا كان فيه إيذاء للمصلين وإشغال لك عن الصلاة ولم يمكن تجنب ذلك فلا حرج أن لا تصلي في المسجد، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل بصلا أو ثوما أن يقرب المسجد، والعلة هي الإيذاء، وقد بينها صلى الله عليه وسلم في قوله كما في رواية مسلم: من أكل البصل والثوم فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
قال ابن قدامة في "المغني": وليس أكلها محرما. ثم قال: وإنما منع أكلها لئلا يؤذي الناس برائحته، ولذلك نهي عن قربان المساجد. انتهى. فإذا كان في هذا الأمر إيذاء محققا لمن يصلي حولك فلا حرج أن تترك الصلاة في المسجد، لأن العلة هي إيذاء المصلين.
والله أعلم.