الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه إحدى روايات حديث الإسراء والمعراج، رواها البزار في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير، من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- وقد نقل هذه الرواية عنه الحافظ ابن كثير في تفسيره، ثم أعقبها بقوله: هَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيِّ، بِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَمَامِهِ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَرَوَى ذَلِكَ مُفَرَّقًا فِي أَحَادِيثَ غَيْرِهِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- مَا حَضَرَنَا، ثُمَّ سَاقَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً فِي الْإِسْرَاءِ كَالشَّاهِدِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ بِطُولِهِ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيِّ، بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ -أَعْنِي الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ - مُشْتَمِلٌ عَلَى أَشْيَاءَ مِنْهَا مَا هُوَ صَحِيحٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُنْكَرٌ، كَالصَّلَاةِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ، وَسُؤَالِ الصِّدِّيقِ عَنْ نَعْتِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى.
ومع ما في هذه الرواية من النكارة في المتن -كما نص عليه الحافظ ابن كثير- فإنَّ في إسناده نظرًا؛ لأن مداره على إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، وهو مختلف فيه، وبه أعلَّ هذه الرواية الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد، فقال: رواه البزار، والطبراني في الكبير... وفيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، وثَّقه يحيى بن معين، وضعفه النسائي. انتهى.
وقال عنه الحافظ ابن حجر في كتابه تقريب التهذيب: صدوقٌ يَهِمُ كثيرًا، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب. انتهى.
والله أعلم.