الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكر المشروع في القيام قبل الركوع هو القراءة، والتسبيح، ونحوه في القيام لا تبطل به الصلاة، لأنه ذكر، ولكن ليس هذا موضعه، ففعله -فضلا عن المداومة عليه- مما لا يشرع، ومن فعله عمدا لم تبطل صلاته -كما ذكرنا-
أما فعلها سهوا، فيسن له سجود السهو عند الحنابلة.
قال في شرح الإقناع في بيان زيادات الأقوال: والثاني: ما لَا يُبْطِلُهَا مُطْلَقًا، وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ غَيْرِ سَلَامٍ، وَلَوْ كَانَ إتْيَانُهُ بِالْقَوْلِ الْمَشْرُوعِ غَيْرِ السَّلَامِ عَمْدًا كَالْقِرَاءَةِ فِي السُّجُودِ، وَفِي الْقُعُودِ، وَكَالتَّشَهُّدِ فِي الْقِيَامِ، وَقِرَاءَة السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَنَحْوِهِ، أَيْ نَحْو مَا ذُكِرَ كَالْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ، لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُشْرَعُ -أَيْ يُسَنُّ- السُّجُودِ لِسَهْوِهِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ- وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِذِكْرٍ، أَوْ دُعَاءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ فِيهَا كَقَوْلِ: آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَفِي التَّكْبِيرِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْح، وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّهُ رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا، وَيَرْضَى- وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالسُّجُودِ. انتهى.
والله أعلم.