الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء؛ فنراه غير جائز والحال ما ذكر؛ إذ بقاء الشخص مستيقظاً حتى يصلي العشاء ليس بالأمر الصعب، وكذا يمكنه النوم قبل العشاء ثم يستيقظ ويصلي في الوقت. فإن علم أن النوم يغلبه قبل الصلاة، وأنه لا يستيقظ في وقت الصلاة التالية، فحينئذ يجوز له الجمع فيما رجحه الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-. وانظر الفتوى: 126519
وعلى ما قررناه؛ فالأصل أنه لا يجوز الجمع مع أئمة تلك المساجد، وإنما ينهون عن ذلك، ولا يجمع إلا من دعته الحاجة للجمع، فإن أصروا، فصل المغرب معهم، ثم ارجع إلى بيتك، ولا يجوز صلاة العشاء حتى يدخل وقتها وفق تقويم من التقاويم المعتبرة، وأما فعلها قبل الوقت، فلا تبرأ به الذمة؛ لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}.
والنوم قبل العشاء وإن كان مكروها في الأصل، لكنه أمر سهل، والمكروه تبيحه الحاجة، فمن احتاج للنوم قبل العشاء على أن يستيقظ في وقتها ويصلي، فلا حرج عليه، ووقت العشاء ممتد عند الجمهور بلا إثم إلى طلوع الفجر، خلافا للحنابلة.
ويسعكم والحال ما ذكر العمل بقول الجمهور، فمن استيقظ قبل الفجر فصلى العشاء ثم انتظر حتى يصلي الفجر، فقد أحسن وبرئت ذمته إن شاء الله، ومن انتظر حتى يصلي العشاء ثم استيقظ لصلاة الفجر قبل طلوع الشمس ولو بعد دخول وقتها بساعة، فلا حرج عليه، وقد برئت ذمته كذلك.
ومن نام بعد المغرب أو بعد العشاء ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، فليس في النوم تفريط، فليصل ما فاته، ولا إثم عليه.
وأما قيام الليل؛ فهو مستحب لا واجب، فمن تمكن من صلاة ركعات بعد العشاء إن صلاها في أول الوقت ثم ينام، أو قبل الفجر إن صلى العشاء في آخر الوقت، فكل ذلك حسن، والله لا يضيع أجر المحسنين، ومن لم يقم من الليل، فلا إثم عليه، ولا تجب الجماعة في المسجد، بل يمكن أن يصلي الشخص جماعة ولو في بيته، كما بينا في الفتوى: 128394.
والخلاصة أن عليكم أن تسددوا وتقاربوا، وتبحثوا عن أسلم الحلول وأوفقها للشرع وأبعدها عن المخالفة، مستعينين بالله، محتسبين جهدكم وتعبكم في موازين الحسنات، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
والله أعلم.