الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت؛ فإنّ أباك ظالم لأمّك، مُعتد على حقها، مخالف لما أمره به ربه.
فقد أمر الله تعالى الأزواج بحسن العشرة، ورغبهم في ذلك، فقال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: واستوصوا بالنساء خيراً. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
فإنكارك عليه ظلمها، وحمايتك لها منه؛ لا حرج عليك فيه، لكن لا يجوز لك ترك مكالمته بالكلية؛ فحقّ الوالد على ولده عظيم، وظلمه وإساءته لا تسقط حقّه على ولده في البر، والمصاحبة بالمعروف.
وقد نهى الشرع عن الهجر بين المسلمين فوق ثلاثة أيام، ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
فإن كان ذلك بين عموم المسلمين، فكيف بمن يهجر أحد الوالدين اللذين قرن الله حقهما بحقه سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23]، وقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان: 14].
وراجع الفتوى: 401791
وإذا كان أبوك لا ينفق على أمّك النفقة الواجبة بالمعروف، ويضربها ضربا مبرحا؛ فلها أن تترك بيته وتنتقل إلى بيت آخر تأمن فيه على نفسها. وراجع الفتوى: 402754
وصبر أّمّك على ظلم زوجها وإيذائه لها، ابتغاء وجه الله؛ عمل صالح من أحب الأعمال إلى الله وأعظمها مثوبة، قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: 10]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة: 153]، وقال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران: 146].
ويجوز لها أن ترفع أمرها للقضاء ليمنعه من ضربها ضربا مبرحا، وسبها وسب أهلها ومن كل ما يؤذيها، ويلزمه بالإنفاق عليها بالمعروف، ولها أن تطلب التطليق للضرر.
وراجع الفتوى: 482437
والله أعلم.