الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعلومات التي ليست من أسرار الناس، ولا يظهر أنهم يمانعون في معرفتها ونشرها؛ كمعلوماتهم التي ينشرونها على صفحاتهم العامة على مواقع التواصل الاجتماعي، فمثل هذه المعلومات لا يظهر أن في جمعها ونشرها حرجا؛ لأن إتاحتها للعامة حصلت من طرفهم هم أصلا.
أما ما كان من تلك المعلومات من أسرار الناس التي لا ينشرونها عادة، أو مما قد يلحقهم بنشرها ضرر ونحو ذلك؛ فهذه لا يجوز العمل على جمعها إلا بإذنهم، وسواء كان هذا الجمع مقابل مال، أم كان من دون مقابل؛ لقول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12].
قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: ففي الآية النهي الأكيد عن البحث عن أمور الناس المستورة، وتتبع عوراتهم. اهـ.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تجسسوا، ولا تحسسوا. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
وجاء في غذاء الألباب للسفاريني: ويحرم على كل مكلف (إفشاء) أي نشر وإذاعة سر، وهو ما يكتم. ولعله يحرم حيث أمر بكتمه، أو دلته قرينة على كتمانه، أو ما كان يكتم عادة.
أخرج أبو داود عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المجالس بالأمانة، إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق.
وأخرج عنه -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدث رجل رجلًا بحديث ثم التفت، فهو أمانة. ورواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وأخرج الإمام أحمد عن أبي الدرداء: من سمع من رجل حديثًا لا يشتهي أن يذكر عنه، فهو أمانة، وإن لم يستكتمه.
وأخرج عن أنس -رضي الله عنه-: ما خطب نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.
قال في الفروع: حرم في أسباب الهداية، إفشاء السر. وفي الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى. وفي التنزيل: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا [الإسراء: 34]. اهـ. باختصار.
والله أعلم.