الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه مهما أمكن للزوجين أن يقيما معا كان أولى، وفي ذلك كثير من المصالح التي لا تخفى. ومن حُسن العشرة أن يسأل زوجته حال غيابه عن أحوالها وأحوال الأولاد، فيطمئن عليهم ويطمئنهم عن نفسه، فالله عز وجل قد قال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}.
قال السعدي في تفسيره: وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان... . وراجعي الفتوى: 464440
وإذا كان زوجك قائما بحقّك في الإنفاق بالمعروف؛ فطاعته واجبة عليك في المعروف. وراجعي الفتوى: 95203
وليس كل تقصير من الزوج أو إساءة عشرة منه؛ يعطي للمرأة حقّ طلب الطلاق للضرر، وإنما يكون لها الحقّ في ذلك إذا حصل من الزوج إضرار بها بغير حق؛ كالضرب، أو الهجر دون مسوّغ.
قال الدردير -رحمه الله- في الشرح الكبير: ولها: أي للزوجة التطليق على الزوج بالضرر، وهو: ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون كما يقع كثيرا من رعاع الناس. ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق. انتهى.
وتقدير الضرر مرده إلى القاضي الشرعي إذا رفعت الزوجة إليه الأمر.
وعموما؛ فإنّ الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، والمرأة منهية عن سؤال الطلاق لغير مسوّغ، والطلاق في الأصل مُبْغَض شرعا؛ فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، ومهما استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.
وانظري الفتوى: 94320
والله أعلم.