الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس من اختصاصنا البت، والحكم في مثل هذه القضية، فإثبات تقصيركم، أو نفيه يرجع فيه إلى الجهات المختصة، في التحقيق في مثل هذه الواقعة، وتحديد المسؤول.
والذي يعنينا بيانه أمور:
الأول: أن الأصل براءة الذمم من الحقوق، حتى يتبين، ويُعلم موجب لثبات الحقوق في الذمم، فالشك في التسبب في موت المريض، لا يترتب عليه شيء، ولا يوجب كفارة، ولا دية.
قال ابن حزم في المحلى: إن شَكَّت أمات من فعلها، أم من غير فعلها؟ فلا دية في ذلك، ولا كفارة؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه، ثم على شَكٍّ، أمات من فعلها، أم لا، والأموال محرمة، إلا بيقين. اهـ.
وقال الجويني في غياث الأمم: كل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين، فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات، والحقوق الخاصة والعامة. اهـ.
وقال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم، والأجساد من حقوقه، وحقوق العباد إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ
وقال العلوي في النوازل: فمن تصدى للإفتاء، فليحجم عن الإقدام على إلزام الضمان إلا بصريح، أو ظاهر، وإلا وجب عليه التمسك بالأصل الذي هو براءة الذمة .اهـ.
الثاني: الأحوال التي يكون فيها الطبيب مسؤول عن خطئه ذكرناها في الفتوى: 400786 .
الثالث: إذا أفتاك عالم موثوق في علمه، وديانته بعدم الضمان، فيسعك العمل بفتواه، ولا ينبغي للمستفتي أن يكرر السؤال دون موجب، ولا يبحث عن فتاوى، وأقوال أخرى في المسألة حتى لا يضطرب، ويتحير.
والله أعلم.