الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة كثيرة أنه لا يشترط في الناصح، ولا في الآمر بالمعروف، أن يكون كامل الاستقامة، بل يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر ولو كان مقصرا، مع بذل الجهد في تدارك التقصير، وإصلاح الخلل في نفسه.
وقد قال القرطبي في تفسيره: قَالَ الْحَسَنُ لِمُطِّرِفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: عِظْ أَصْحَابَكَ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَقُولَ مَا لَا أَفْعَلُ، قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ! وَأَيُّنَا يَفْعَلُ مَا يَقُولُ! وَيَوَدُّ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِهَذَا، فَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدٌ بِمَعْرُوفٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: لَوْ كَانَ الْمَرْءُ لَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى لاَ يَكُونَ فِيهِ شَيءٌ، مَا أَمَرَ أَحَدٌ بِمَعْرُوفٍ، وَلَا نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ. قَالَ مَالِكٌ: وَصَدَقَ، مَنْ ذَا الَّذِي لَيْسَ فِيهِ. اهــ.
فاستمر -أخي السائل- في نشر الخير، وتعليم الناس، وأنت على خير -إن شاء الله تعالى- وتؤجر على نشرك العلم، وإرشاد الناس، ودلالتهم على الخير، وتقصيرك في شيء من الطاعات لا يبرر كتمان ما تعلمه من الخير، فإن كانت تلك الطاعات التي تشعر بالتقصير فيها هي من المستحبات، فإنك لا تأثم بتركها، وتؤجر على نشرها، ففي الحديث: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وإن كانت تلك الطاعات التي تشعر بالتقصير فيها هي من الواجبات والفرائض، فالواجب عليك فيها أمران: العمل بها، ودعوة الناس إليها، وتقصيرك في أحدهما لا يبرر تقصيرك في الآخر.
وانظر المزيد من التفصيل في الفتوى: 317359والفتاوى الملحقة بها.
والله أعلم.