الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز أن يكون رأس مال الشركة أو بعضه ديناً في ذمة المضارب أو الشريك لمنافاة ذلك لمقصود الشركة إذ المقصود منها أن يتصرف الشريك في المال في الحال، وهذا المقصود منتف في هذه الصورة، قال ابن قدامة: ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولاً ولا جزافاً... ولا يجوز بمال غائب ولا دين لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال، وهو مقصود الشركة.
وقال: نقلاً عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة، هذا من جهة، ومن جهة فإن مال المضاربة لا يضمنه المضارب إلا في حالة التفريط، وأنت ألزمته رد مالك.
وعليه؛ فهذه الشركة فاسدة، وإذا وقعت الشركة فاسدة فإن الشريكين يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما، فبالنسبة لك رأس مالك هو المبلغ الذي دفعته ثانياً لا الأول، فذلك مال صاحبك وليس مالك، لأنك لم تقبضه، ويرجع كل واحد من الشريكين على الآخر بأجر عمله، وعليه فلما لم يك في هذه الشركة الفاسدة رأس مال إلا ما دفعته أنت فالربح لك، ولصاحبك أجر عمله فقط، جاء في المغني: ومتى وقعت الشركة فاسدة فإنهما يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما ويرجع كل واحد منهما على الآخر بأجر عمله، نص عليه أحمد في المضاربة، واختاره القاضي، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي. ا.هـ
والله أعلم.