الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يأخذ شريكاك هذا المبلغ من صندوق الشركة، ويشتريا به أرضاً للشركة، ويعمّرا عليه مستودعا لهما، دون إذن منك متفق عليه مسبقاً؛ لأنه تصرُّف في المال المشترك بغير إذن بقية الشركاء، ولأن تصرف الشريك في مال الشركة يقوم على الوكالة، فكل من الشريكين وكيل عن الآخر في هذا المال، ومقتضى الوكالة أن لا يتصرف الوكيل إلا فيما أذن له الموّكل فيه، وراجع الفتوى: 106474.
وتصرفهما بغير إذنك إن قصدا أن يكون المستودع للشركة، فهو تصرف فضولي، قال البهوتي في دقائق أولي النهي: وكل تصرف خالف الوكيل موكله فيه، فكتصرف الفضولي. اهـ.
وعليه؛ فإن أمضيت شراء هذه الأرض، والمستودع، فهو صحيح، لازم لشركتكم، وكان ملكاً لكم جميعا، كما لو أنك أذنت لهما ابتداءً، وفي هذه الحال، تملك من الأرض، والمستودع بقدر حصتك من رأس مال الشركة، وليس لهما أن يستفردا بهما دونك.
جاء في قرارات، وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، قرار رقم: 130 4ـ 14: إن المساهم في الشركة يملك حصة شائعة من موجوداتها، بمقدار ما يملكه من أسهم. انتهى.
وأما إن لم تمضِ هذا الشراء، واعترضت عليه، فهو من حقهما، والبيع لازم لهما، وعليهما غرمه، ولهما غنمه.
وكذلك إن كان تصرفهما بنية أن يكون خاصا بهما دونك، وليس لأجل الشركة، فيكون لهما أيضا، ويضمنان ما تعديا عليه من مال الشركة.
وما سبق ذكره باعتبار ما ذكرته ـ أيها السائل ـ وإلا فليست هذه الفتوى لفض النزاع بينك، وبين شريكيك، فنحن لم نسمع منهما، وإنما الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك، ولا يتسنى ذلك للمفتي، وليست الفتوى كالحكم.
والله أعلم.