الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالشركة عند جمهور الفقهاء من العقود الجائزة، لا اللازمة، فلكل من الشريكين أن يستقلّ بفسخ الشركة: رضي الآخر أم أبى، حضر أم غاب، كان المال نقودًا أم عروضًا، بخلاف المالكية، فالشركة عندهم: عقدٌ لازمٌ للطرفين، لا يجوز لأحدهما الفسخ، إلا برضا الآخر، ويستمر هذا اللزوم إلى أن ينضّ المال، أو يتم العمل الذي تقبل، وانظر للفائدة الفتويين: 32468، 48733.
ولكن حقّ الفسخ لا يعني أن يحرز السائل رأس ماله دون صاحبه، وإنما المقصود: هو إيقاف نشاط الشركة بعد حصول الفسخ، ثم يشتركان جميعًا في موجودات الشركة، بحسب حصصهم، وما دامت الموجودات عروضًا ـ صابونًا ـ فإما أن يقتسموه بينهم، بحسب حصصهم، وإما أن ينتظروا بيعه، قال ابن قدامة في المغني: الشركة من العقود الجائزة، تبطل بموت أحد الشريكين.. وبالفسخ من أحدهما؛ لأنها عقدٌ جائزٌ؛ فبطلت بذلك، كالوكالة... فعلى هذا؛ إن اتفقا على البيع، أو القسمة؛ فعلا، وإن طلب أحدهما القسمة، والآخر البيع؛ أجيب طالب القسمة، دون طالب البيع. اهـ.
وعلى أية حالٍ؛ فلا يصح أن يكون الفسخ إضرارًا بأحد الشركين دون الآخر، قال ابن رجب في القواعد: التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمن ضررًا على أحد المتعاقدين، أو غيرهما، ممن له تعلقٌ بالعقد، لم يجز، ولم ينفذ، إلا أن يمكن استدراك الضرر بضمانٍ، أو نحوه، فيجوز على ذلك الوجه. اهـ.
والله أعلم.