الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتجوز للمرأة الصلاة على الجنازة، سواء كانت جنازة امرأة مثلها أو رجل أجنبي منها أو محرم لها، بل إنها تحصل على الثواب الذي يحصل عليه الرجل، فلم يدل دليل على التفريق بينهما فيما يتعلق بالصلاة على الجنازة، وراجع الفتوى رقم: 8104.
وعند ذهابكم للمسجد صحبة الجنازة، يشرع لكم الدعاء المأثور في هذا المجال، كما يشرع لكم الإتيان بالدعاء المأثور عند دخول المسجد وعند الخروج منه، فلا دليل على التفريق في هذا الأمر بين الدخول مع جنازة أو بدونها، وإدخال الجنازة من الجانب الأيمن من الصف أفضل، بدليل ما في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.
ولكن لا مانع من إدخالها من وسط الصف أو من جهة أخرى، ومن اعتقد أفضلية إدخال الجنازة من يمين الصف نظرا لكونه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في شأنه كله فاعتقاده صواب، وإذا حضرت الجنازة وحان وقت الصلاة المفروضة، فتقدم الصلاة المفروضة إلا الفجر والعصر، قال ابن قدامة في "المغني": وجملته أنه إذا حضرت الجنازة والمكتوبة بدئ بالمكتوبة إلا الفجر والعصر، لأن ما بعدهما وقت نُهِي عن الصلاة فيه، نص عليه أحمد على نحو من هذا، وهو قول ابن سيرين، ويروى عن مجاهد والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة أنهم قالوا: يبدأ بالمكتوبة لأنها أهم وأيسر، والجنازة يتطاول أمرها والانشغال بها، فإن قدم جميع أمرها على المكتوبة أفضى إلى تفويتها، وإن صلي عليها ثم انتظر فراغ المكتوبة لم يعد تقديمها شيئا إلا في الفجر والعصر، فإن تقديم الصلاة عليها بعيد أن يقع في غير وقت النهي عن الصلاة، فتكون أولاً. انتهى.
وعليه، فتقدم الصلاة المفروضة على الجنازة إذا حان وقت الفريضة في غير الفجر والعصر، أما إذا حضرت الجنازة ولم يحن وقت الفريضة فتقدم الجنازة ولا ينبغي تأخيرها، للأمر بالإسراع بتجهيزها مخافة حصول التغير.
أما صلاة السنة، فتقدم عليها صلاة الجنازة إذا خيف فواتها، لأن الواجب مقدم على غيره، ويمكن حمل الجنازة من طرف أي عدد بحسب الحاجة، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل عاطفا على الجواز: وحمل غير أربعة للنعش، إذ لا مزية لعدد على عدد، خلافا لمن قال بندب الأربعة. انتهى.
والله أعلم.