الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعفو إنما يستحب إذا تضمّن مصلحة.
وأما إذا كان ترك العفو أصلح؛ فتركه أولى؛ فلا يستحبّ العفو مطلقًا، وإنما يستحبّ حيث كان أصلح، فمن عرف بالشرّ والفساد، وكان العفو يزيده تماديًا في شرّه؛ فلا يستحبّ العفو عنه.
ثم إن العفو إنما يحسُن ويجمُل مع القدرة، لا مع العجز عن الانتصار.
وهو إنما يستحبّ في حقّ العبد، لا في حقوق الله تعالى، وهذه المعاني قد بيّناها تفصيلًا في الفتوى: 391813.
وبمراجعتها يتّضح لك جواب ما سألت عنه، وأن العفو لا يستحبّ بإطلاق، وليس هو الأفضل على كل حال، فمن كان لا يرتدع إلا بالانتصار منه؛ سواء بالدعاء عليه، أم أخذ الحق بالطريق المشروع؛ فالانتصار حينئذ هو الأولى.
والحاصل: أن الشرع جاء بتحصيل المصالح وتكميلها، وتقليل المفاسد وتعطيلها، فحيث كان العفو أصلح؛ كان مأمورًا به مندوبًا إليه، وحيث لم يكن كذلك؛ لم يكن مأمورًا به.
والله أعلم.