الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسنة لمن أراد الإحرام أن يغتسل ويتنظف ويحرم عقب ذلك، فإن لم يستطع لفقد الماء أو تعذر استعماله لبرد ونحوه، فقد اختلف أهل العلم في ذلك هل يسقط عنه الغسل أم يستحب له التيمم؟ فذهب الحنفية كما في "تبيين الحقائق" والمالكية كما في "مواهب الجليل" وهو رواية عند الحنابلة إلى أنه يسقط ولا يتيمم، قال الحطاب المالكي في "مواهب الجليل: (والسنة غسل متصل، فالسنة في الإحرام سواء كان بحج أو بعمرة أو بقران أو بإطلاق أو بما أحرم به زيد، أن يكون عقب غسل متصل به، قال سند، ويؤمر به كل مريد الإحرام من رجل أو امرأة، من صغير أو كبير أو حائض أو نفساء، فإن لم يحضر الماء سقط الغسل، ولا يتيمم مكانه، نعم إذا كان محدثا وأراد الركوع للإحرام، فإنه يتيمم لذلك، وإن لحقته ضرورة من الغسل مثل قلة ماء أو ضيق وقت أو لسير رفقة أو خوف كشف للمرأة وشبه ذلك). انتهى.
وذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنه يستحب التيمم، قال البهوتي في "كشاف القناع": (ويتيمم عادم الماء) لإحرامه، وكذا العاجز عن استعماله كسائر ما يستحب له الغسل، وقال المرداوي (وهو الصحيح من المذهب) وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج": (فإن عجز) مريد الإحرام عن الغسل يراد للقربة والنظافة، فإذا تعذر أحدهما بقي الآخر، ولأنه ينوب عن الغسل الواجب، فعن المندوب أولى، وعليه، فلا يصح الغسل من البلد ثم الإحرام في الميقات للمسافر برا أو بحرا، أما جوا، فلا بأس به إذا تم السفر بعد ذلك مباشرة، لعدم الفصل.
والله أعلم.