الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأنت -بحمد الله- مسلم، ولكنك ارتكبت ذنبًا عظيمًا، تجب التوبة منه.
وعليك أن تقضي تلك الأيام؛ لأن علمك بالتحريم، وإن لم تعلم كون الاستمناء مفطرًا، يفسد صومك، قال في إعانة الطالبين: (وقوله: وبكونه مفطرًا) معطوف على بتحريم: أي: الجاهل بالتحريم، والجاهل بكونه مفطرًا.
وأفاد بالعطف بالواو أنه لا يغتفر جهله، إلا إن كان جاهلًا بهما معا، وهو كذلك، فلو لم يكن جاهلًا بهما -بأن كان عالمًا بهما معًا، أو عالمًا بأحدهما جاهلًا بالآخر- ضر، ولا يعذر؛ لأنه كان من حقّه إذا علم الحرمة وجهل أنه مفطر، أو العكس، أن يمتنع. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فإن القضاء واجب عليك على الفور، ولا يجوز لك تأخيره لغير عذر -من مرض، أو سفر-؛ لأن من تعمّد إفساد صومه؛ فالقضاء واجب عليه فورًا.
وعليه؛ فإنك تحسب ما عليك من أيام يلزمك قضاؤها، وتشرع في قضاء ما بقي عليك منها؛ حتى تقضي جميع ما عليك.
وعليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم أخّرت قضاءه.
ونصف الصاع من الأرز كافٍ في حصول الإطعام، وهو كيلو ونصف تقريبًا.
وإذا عجزت عن الكفارة؛ فإنها باقية في ذمّتك، تخرجها حين تقدر عليها، وتنظر الفتوى: 418177.
وإذا أدركك الموت وأنت مشتغل بالقضاء؛ فلا شيء عليك؛ لأنك فعلت ما تقدر عليه، لكن يجب على ورثتك أن يطعموا عنك عن كل يوم بقي لك مسكينًا، قال في شرح الإقناع: (فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: الْقَضَاءُ (لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَمَاتَ قَبْلَ رَمَضَانَ آخَرَ) أَوْ بَعْدَهُ (أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَيْهِ، وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ الْقَضَاءِ فَقَالَتْ: "لَا، بَلْ يُطْعِمُ". رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. انتهى.
ويرى بعض العلماء أنه يجوز لهم الصوم عنك، فإن شاؤوا أطعموا، وإن شاؤوا صاموا عنك؛ لحديث عائشة عند البخاري: من مات وعليه صيام، صام عنه وليّه. وهو قول قوي.
نسأل الله أن يطيل عمرك على طاعته، وأن يرزقك التوبة النصوح.
والله أعلم.