الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا لا ندري بالتحديد ما يقصده القائل لهذه العبارة؛ حتى نحكم عليها بدقة، ولكن لعل من يقول عند حدوث المصيبة تلك العبارة يقصد أن رحمة الله جاءت، من حيث إن الصبر على المصيبة يجلب رحمة الله تعالى للعبد، كما قال تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 157،156}.
وربما يقصدون بها ما تضمنه حديث: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ، عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا. رواه الترمذي، وما في معناه مما يدل على أن المصائب سبب لتكفير الذنوب، ورفعة الدرجات.
والأولى أن يقول المرء عند المصائب ما دل عليه القرآن في الآية المباركة: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {البقرة:156}، وقد جاء في صحيح مسلم عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: {إنا لله وإنا إليه راجعون}، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها إلا أخلف الله له خيرًا منها.
فهذا هو الذكر المأثور الذي ينبغي أن يقال عند المصيبة، والذي يرجى لمن قاله أن يخلف الله تعالى عليه، كما حدث لأم سلمة راوية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي تتمة الحديث، قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتًا، وأنا غيور، فقال: أما ابنتها، فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة.
والله أعلم.