الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المقرر عند أهل العلم أن المرأة لها ذمتها المالية المستقلة، ولها التصرف في مالها بما تشاء، وليس لزوجها أن يتسلط عليها في مالها، ولا يلزمها أن تمكنه من الانتفاع به، أو العمل عندها إلا برضاها، وبطيب نفس منها، ويمكن مطالعة الفتوى: 9116، والفتوى: 115235. فإن كان زوجك قد تدخل في شؤونك المالية ؛ فليس ذلك من حقه. هذا أولا.
ثانيا: ما ذكره من كونك لا يجوز لك الخروج من البيت إلا بإذنه ما لم تكن هنالك ضرورة، فهذا صحيح، وقد جاء به الشرع؛ كما هو مبين في الفتوى: 137248.
ومن حق الزوجة قبل العقد أن تشترط على زوجها أن تعمل، فإن رضي بهذا الشرط يلزمه الوفاء به، وانظري الفتوى 1357.
ثالثا: إن كرهت المرأة زوجها، ورغبت في مفارقته، فلها مخالعته، كما هو مبين في الفتوى: 20199. وما كان بينك وبين زوجك من خلع، فإنه صحيح لتوفر أركان الخلع فيه، وراجعي هذه الأركان في الفتوى: 13702.
رابعا: لست ملزمة شرعا بالرجوع لزوجك بعد الخلع؛ فأنت مالكة لأمرك بعد الخلع بحصول البينونة؛ فلا يملك زوجك رجعتك إلا برضاك، ولكن كان الأولى الوفاء له بما وعدته به من أمر الرجعة؛ لأن الوفاء بالوعد مستحب؛ كما بيناه في الفتوى: 17057. فتبين بهذا أنك لست ظالمة له برفض الرجعة.
خامسا: الزواج من الخير الذي لا ينبغي للمسلمة أن تعرض عنه بحال، وهو يختلف في حكمه باختلاف الأحوال، ومن ذلك أنه يجب في حق من يخشى على نفسه الفتنة، فيأثم بتركه في هذه الحالة، وانظري الفتوى: 125556.
ولا إثم عليك في مجرد الإعراض عنه بسبب تصرف زوجك معك. وينبغي أن تستشعري أنه إن كان زواجك هذا قد فشل، فليس معناه أن كل زواج من شأنه أن يفشل، فهنالك كثير من النماذج الزوجية الناجحة في هذه الحياة. فتحتاجين إلى أن تحسني الاختيار، وتتخذي من الاحتياطات ما يرجى أن يدوم معها الزواج.
بقي أن نختم بالأمرين العظيمين اللتين ذكرتِهما، وآثرنا تأخيرهما ليكونا منك على بال:
الأمر الأول: ما ذكرت من كرهك للإسلام، وأن الإسلام يسلط الرجل على المرأة، وكراهية الدين أمر خطير قد يؤدي بصاحبه للخروج من الملة، كما قال تعالى عن المنافقين: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ {محمد:9}، فتنبهي لهذا.
صحيح أن الشرع جعل القوامة للزوج على زوجته، وهذه القوامة للتدبير والترتيب، لا للتسلط والقهر، كما أوضحنا في الفتوى: 16032. وواجب المؤمن والمؤمنة التسليم لله في شرعه، وأحكامه، واعتقاد أن ذلك لا يصدر إلا عن علم وحكمة، قد يمكن إدراكها، وقد لا يمكن إدراكها كلها أو بعضها، قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65}.
الأمر الثاني: تركك للصلاة، والتي هي عماد الدين، والصلة بين العبد وربه، فكيف تهدمين دينك، وتقطعين صلتك بربك؛ كردة فعل لتصرف خاطئ من بعض البشر. فهل الصلاة بهذا الهوان؟! فترك الصلاة أمره عظيم، حتى أن بعض أهل العلم ذهب إلى كفر تاركها ولو تهاونا، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 1145.
فالواجب عليك التوبة إلى الله، ولمعرفة شروطها راجعي الفتوى: 5450.
والله أعلم.