الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أهل هذه المرأة قد أجبروها على زواجها منك، فما كان لهم الإقدام على ذلك، والراجح من كلام الفقهاء أنه لا يجوز إجبار البكر البالغ على الزواج ممن لا ترغب فيه. وراجع الفتوى: 34871.
أما وقد فعلوا، وعاشت معك هذه السنين، ورزقت منك الأولاد، فينبغي أن يكون ذلك دافعا على أن يكون الحال بينكما على وئام واستقرار، ومما يعين على الاستقرار وجود الحب بين الزوجين، ولكن ليس ذلك بلازم، فكما قال عمر -رضي الله عنه- في المأثور عنه: ليس على الحب وحده تبنى البيوت. فهنالك كثير من المصالح الأخرى، ومن أهمها النشأة السليمة للأولاد لتقر بها أعين الوالدين. ومن السهل أن يلجأ الزوج أو الزوجة إلى الطلاق، ولكن من الصعب تحمل عواقبه.
فننصحك أولا بكثرة الدعاء، والتضرع إلى الله تعالى أن يرزق زوجتك الرشد والصواب، ثم ابحث عمن لهم اعتبار عندها، ولو لم يكونوا من أهلها؛ كالعلماء والفضلاء وصديقاتها؛ ليحاولوا إقناعها بالكف عن طلب الطلاق. فإن اقتنعت فالحمد لله، وإن أصرت عليه، فلك الحق في الامتناع عن تطليقها حتى تفتدي منك بمال ونحوه، كما بينا بالفتوى: 93039.
وإن كانت تخرج للعمل بغير إذنك فإنها ناشز، وكيفية علاج النشوز مبينة بالفتوى: 1103. ولا نعلم نصا في لعن من تخرج من البيت بغير إذن زوجها.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق إلا لمسوغ شرعي، ولمعرفة مسوغات طلب الطلاق يمكن مراجعة الفتوى: 37112. وإن كرهت زوجها، وخافت أن تفرط في حقوقه جاز لها مخالعته في مقابل عوض تدفعه إليه. وتراجع الفتوى 40094. ويستحب للزوج إجابتها إلى الخلع، ولا يجب ذلك عليه.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ويسن له إجابتها أي إجابة طلب زوجته المخالعة، لحديث امرأة ثابت بن قيس. اهـ.
والله أعلم.