الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تذكري لنا هذه الاتفاقات التي وعدك زوجك بها، وهنالك خلاف بين الفقهاء في حكم الوفاء بالوعد سبق وأن بيناه في الفتوى: 17057. ورجحنا فيها ما ذهب إليه الجمهور من القول بالاستحباب. وإن كانت هذه الاتفاقات شروطا اشترطتِها عليها قبل الزواج لا تنافي مقتضى العقد، فيجب عليه أن يفي لك بها على الراجح، وراجعي الفتوى: 1357.
ولا شك في أنه مهما أمكن الزوجان أن يقيما معا كان أفضل، فذلك أدعى لاستقرار الأسرة، وليُعِفَّ كل منهما الآخر. فإن لم يمكن هذا الاجتماع، فلا يغيب الزوج عن زوجته لغير مسوغ أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، فذلك من حقها عليه؛ كما أوضحناه في الفتوى: 22429.
وإرضاء كل من الزوجين للآخر مطلوب ما أمكن، فذلك من حسن العشرة المأمور به شرعا، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}، وإنما قلنا الإرضاء حسب الإمكان؛ لأنه ليس كل ما يعلم يقال، فقد يرى الزوج - رفقا بزوجته - أن يحمل وحده هم المشاكل التي يمر بها، فلا يخبر زوجته حتى لا يدخل عليها الغم، خاصة مع ما عليها من غم بُعْدِه عنها، وهكذا الزوجة ينبغي لها أن لا تنقل لزوجها كل مشكلة يمكن أن تمر بها، بل تراعى في ذلك المصلحة.
ومن هنا الأولى بالزوجين أن يحسن الظن بالآخر، ويعملا معا على ما فيه الخير للأسرة، ولا يتركا مجالا للشيطان ليدخل بينهما، فمن أهم أمانيه أن يفرق بين الأحبة، روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت " قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه».
والله أعلم.