الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا كانت متضررة منه ضررا بيناً؛ كما ذكر أهل العلم، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى 37112. ولكن هذا لا يعني أن طلب الطلاق هو الأفضل، فقد يكون الحل في غيره بأن تصبر المرأة، وتسعى في الصلح والإصلاح، وهو ما أمر به الشرع الحكيم في حال نشوز المرأة أو نشوز الرجل، فقد قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وقال أيضا: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}.
وليس في طلب رفع الضرر المفترض عنك بالطلاق من زوجك ظلم للأولاد ولا غيرهم، ولكن ينبغي تحري الحكمة وتقدير المصلحة بحيث لا يتأثر الأولاد بأمر فراق أبويهما.
وننبه إلى بعض الأمور، ومنها:
الأمر الأول: الواجب على الزوج أن يقوم بما يجب عليه تجاه زوجته وأولاده، ويحرم عليه التفريط في ذلك، ففي الحديث الذي رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.
الأمر الثاني: لا يجوز للرجل أن يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر إلا لعذر، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 349414.
الأمر الثالث: على الزوجة أن تحرص على العفاف ولا تفتح باباً للشيطان على نفسها مهما قصر الزوج في حقها، حتى يجعل الله لها فرجا ومخرجا، قال تعالى: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}. وقد أحسنت بما ذكرت من حذرك من الوقوع في الحرام.
والله أعلم.